سورة يوسف - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


لما ذكر يوسف- عليه السلام- رؤياه لأبيه عَلِمَ يعقوبُ- عليه السلام- صِدْقَ تعبيرها، ولذلك كان دائم التذكُّر ليوسف مدةَ غيبته، وحين تطاولتْ كان يَذْكُرُه حتى قالوا: {تَاْللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] فقال: {إِنِى أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [يوسف: 96] فهو كان على ثقةٍ من صِدْقِ رؤياه.
فإنْ قيل: فإذا كان الصبيُّ لا حُكْم لِفْعلِه فكيف يكون حكم لرؤياه؟ وما الفرق؟ فيقال: إن الفعل بتَعَمُّدٍ يحصل فيكون مُعْرَّضاً لتقصير فاعله، أمَّا الرؤيا فلا تكون بتعمد منه فتنسب إلى نقصان.
ويقال إنَّ حقَّ السِّرِّ ولو كان على مَنْ هو قريب منك؛ فإن يوسف لما أظهر سِرَّ رؤياه على أبيه اتصل به البلاءُ.


إذا جاء القضاءُ لا ينفع الوعظ والحذر؛ فإن النصيحة والحذر لا يزيدان على ما نصح يعقوب ليوسف عليهما السلام، ولكن لمَّا سبق التقديرُ في أمر يوسف- عليه السلام- حصل ما حصل.
ويقال إن يوسف خَالَفَ وصية أبيه في إظهارِ رؤياه إذ لو لم يُظْهِرْها لما كادوا له، فلا جَرَم بسبب مخالفته لأبيه- وإن كان صبياً صغيراً- لم يَعْرَ مِنَ البلايا.
ويقال لما رأى يوسف في منامه ما كان تأويلُه سجودَ الأخوة له رأى ما تعبيره: وسجود أبيه وخالته حيث قال تعالى: {وَالْشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ}؛ فدخل الإخوة الحَسَدَ أما الأب فلم يدخله إلا بنفسه لِفَرْطِ شفقة الأبوة.
ويقال صَدَقَ تعبيره في الإخوة فسجدوا له حيث قال: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدَاً} [يوسف: 100] ولم يسجد الأبُ ولا خالته حيث قال: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف: 100] فإن يوسفَ صانَهما عن ذلك مراعاةً لحشمة الأبوة.


قوله جلّ ذكره: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ}.
أي كما أمرك بهذه الرؤيا التي أَرَاكَها يجتبيك ويُحْسِنُ إليك بتحقيق هذه الرؤيا، وكما أكرمك بوعد النعمة أكرمك بتحقيقها.
ويقال الاجتباء ما ليس للمخلوق فيه أثر، فما يحصل للعبد من الخيرات- لا بتكلفه ولا بتعمده- فهو قضية الاجتباء.
ويقال من الاجتباء المذكور أَنْ عَصَمَه عن ارتكاب ما راودته امرأة العزيز عن نفسه.
ويقال من قضية الاجتباء إسباله الستر على فعل إخوته حيث قال: {وَقَدْ أْحْسَنَ بِى إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ الْسِّجْنِ} [يوسف: 100]، ولم يذكر خلاصَه من البئر ومن قضية الاجتباء توفيفه لسرعة العفو عن إخوته حيث قال: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92].
قوله جلّ ذكره: {وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ}.
أي لتعرفَ قَدْرَ كلَّ احد، وتقفَ على مقدار كلِّ قائلٍ بما تسمع من حديثه.. لا مِنْ قوله بل لِحدَّةِ كياستك وفَرْطِ فراستك.
قوله جلّ ذكره: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أتَمَّهَا عَلَى أبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحَق إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
مِنْ إتمامِ النعمة توفيقُ الشكر على النعمة، ومن إتمام النعمة صَوْنُها عن السَّلبِ والتغيير، ومن إتمام النعمة التَّحرز منها حتى تَسْهُلَ عليكَ السماحةُ بها.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8